رسالة بطرس الأولى
رسالة التعزية والتشجيع
الدرس الأول – مقدمة
كتب الرسول بطرس رسالتين في العهد الجديد: الأولى والثانية، وتتميز رسالته الأولى برسائل للتعزية والتشجيع على الصبر في احتمال المشقات والآلام من أجل الرب يسوع. إذ كان المسيحيون الأوائل يواجهون تحديات وضيقات كثيرة سواء من اليهود غير المؤمنين، أومن الوثنيين، وكم كانت تبعية المسيح والإيمان به آنذاك أمرًا مكلفـًا ويستلزم الكثير من التضحيات...
لمحة سريعة عن كاتب الرسالة
من هو الرسول بطرس؟
- واحد من أوائل الاثنى عشر، تلاميذ الرب يسوع، هو التلميذ الحماسي والمتحدث الرسمي باسم التلاميذ.
- من أقرب أصدقاء يسوع، أحد أعمدة الكنيسة بحسب ما جاء في غلاطية ٢: ٩ " فَإِذْ عَلِمَ بِالنِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لِي يَعْقُوبُ وَصَفَا وَيُوحَنَّا، الْمُعْتَبَرُونَ أَنَّهُمْ أَعْمِدَةٌ ..."
- مندفع وله سقطات متعددة وتوبة قوية أيضـًا.
- اسمه سمعان (متى ١٦: ١٧، ويوحنا ٢١: ١٥، ١٦، أعمال ١٥: ١٤).
- من بيت صيدا (يوحنا ١: ٤٤)، ولكنه سكن فيما بعد في كفر ناحوم (لوقا ٤: ٣١، ٣٨)، ومتزوج (١كورنثوس ٩: ٥).
- كان صياداً للسمك مع أبيه يونا وأخيه أندرواس وصديق ليعقوب ويوحنا الصيادين (لوقا ٥: ١٠).
دعوة واستجابة
تعرف أندراوس على يوحنا المعمدان، ولما شهد عن يسوع أنه حمل الله (يوحنا ١: ٣٥ – ٣٦)، تبعه فوراً، ثم انطلق ذاهبـًا لدعوة أخيه بطرس قائلاً: " قَدْ وَجَدْنَا مَسِيَّا " (يوحنا ١: ٤١)، فجاء به إلى يسوع. فنظر إليه يسوع وقال "’أَنْتَ سِمْعَانُ بْنُ يُونَا. أَنْتَ تُدْعَى صَفَا‘. الَّذِي تَفْسِيرُهُ: بُطْرُسُ"(يوحنا٤٢:١). وهنا نلمح أنه نال اسمـًا جديدًا مملوءً بالمواعيد بطرس (صخرة). إذ عاد الرب بعد مرور وقت طويل وأكد له الوعد حين قال: " أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي، " (متى ١٨:١٦). ونلاحظ أن الرب عاد وكرر الدعوة لبطرس في مرة أخرى بعد معجزة صيد السمك الكثير حين قال له: " لاَ تَخَفْ! مِنَ الآنَ تَكُونُ تَصْطَادُ النَّاسَ! " (لوقا ١٠:٥)، وهنا ترك بطرس كل شيء وتبع يسوع. ولاحقـًا بعد قيامة الرب، في لقاء خاص مع بطرس وتكليف محدد برعاية الخراف. قالها له مرة أخيرة.. "اتبعني أنت" (يوحنا ٢١: ٢٢).
هو أول من اعترف "أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ " (يوحنا ٦: ٦٦ – ٦٩)، وفي نفس الوقت الذي رجع فيه كثيرون من تلاميذ يسوع إلى الوراء. يكرر هو الاعتراف مرة أخرى في (متى ١٦: ١٦ – ١٧).
رافق الرب يسوع مع يعقوب ويوحنا في مناسبات خاصة جداً مثل إقامة ابنة يايرس (مرقس ٥: ٣٧)، وعلى جبل التجلي (متى ١٧: ١)، كما قام بإعداد الفصح مع يوحنا في العشاء الأخير (لوقا ٢٢: ٨).
ظهر ضعف إنسانه الطبيعي حين نظر للأمواج وصرخ " يَا رَبُّ، نَجِّنِي! " (متى ١٤: ٢٨ – ٣٠). وأيضا عندما انفرد بالرب وتجرأ على انتهاره حين تكلم عن الموت المزمع أن يحدث سريعـًا (متى ١٦: ٢٢) ولا ننسى حماسه النفسي حين استل سيفه وقطع أذن عبد رئيس الكهنة "ملخس" (متى ٢٦: ٥١) ثم لا ننسى أبدًا إنكاره الرب ثلاث مرات
" وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ " (أعمال٨:١)
أولاً: خدمته في أورشليم:
بعد يوم الخمسين وقف بطرس وامتلأ بالروح القدس وبكل مجاهرة يرفع صوته.. ويُقبَـل كلامه بفرح ويعتمد وينضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس (أعمال ٢: ٤١)، ثم معجزة شفاء الأعرج (أعمال ٣)، وجرأة الكلام أمام السنهدريم (أعمال ٤)، والحكم في قضية حنانيا وسفيرة وتأييد السماء للحكم الذي نطق به بطرس على الفور (أعمال ٥: ١ ـ ١٠).
ثانيـًا: شاهدًا للرب في كل اليهودية والسامرة (أعمال ٨)
يذهب مع يوحنا ويصلي لأجل الذين آمنوا واعتمدوا في السامرة وصلوا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس، يبشر قرى كثيرة للسامريين (أعمال ٨: ١٥)، ويعود مرة أخرى لأورشليم ولا يهدأ أبدًا. يذهب إلى مدن فلسطين مبشرًا بكلمة الله وهناك في لدة يشفي إينياس، وسريعا يستدعى إلى يافا لإقامة طابيثا من الموت (أعمال ٩: ٣٢-٤٠).
ثالثـًا: خدمة الأمم "إلى أقصى الأرض" (أعمال ١٠)
قبل أن يبدأ بولس خدمته للأمم، كان هو أول من وعظ للأمم في بيت كرنيليوس، ولهذا يقف في أول مجمع للكنيسة في أورشليم بجرأة ويقول: "اخْتَارَ اللهُ بَيْنَنَا أَنَّهُ بِفَمِي يَسْمَعُ الأُمَمُ كَلِمَةَ الإِنْجِيلِ وَيُؤْمِنُونَ" (أعمال٧:١٥) ويكمل "لكِنْ بِنِعْمَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ نُؤْمِنُ أَنْ نَخْلُصَ كَمَا أُولئِكَ أَيْضًا " (أعمال ١٥: ١١)
ولا ننسى الإنقاذ الإلهي العجيب لبطرس من سجن هيرودس حين أرسل له الرب ملاكـًا ليخرجه (أعمال ١٢)، واستمر الرسول بطرس في خدمته للأمم بحسب قول الرسول بولس (١كورنثوس ٩: ٥)
مكان الكتابة
لا توجد إشارة في الرسالة كلها إلا كلمة "بابل" ١ بطرس ٥: ١٣. ويُظن أن بابل هذه ليست مدينة بابل التي على نهر الفرات، وليست بابل القادمة التي جاء ذكرها في سفر الرؤيا (رؤيا ١٨ )، هناك رأي آخر أنها حصن بابليون في مصر القديمة، وخاصة وأن مرقس الذي خدم مع بطرس قد زار مصر عدة مرات.
لمن كتب الرسالة؟؟
إلى المسيحيين الذين تشتتوا في مقاطعات ومدن آسيا الصغرى (تركيا الآن) هي غلاطية وكبدوكية وآسيا. أولئك واجهوا آلام واضطهادات كثيرة. بشر الرسول بولس في هذه الأماكن أيضاً وكانت الاضطهادات ممثلة في افتراءات وشتائم (١بطرس ٣: ١٥، ١٦).
اضطهد الوثنيون اليهود المتنصرين. الرسالة موجهة لمسيحي الأمم واليهود المتنصرين. ولا توجد أي إشارة في الرسالة لعلاقة شخصية تربطهم بالرسول بطرس
زمن كتابة الرسالة:
غالباً ما بين سنة (٦٣م – ٦٧م) فترة اضطهاد نيرون للمسيحيين.
موضوعات الرسالة:
تبدأ بالشكر لله من أجل الميراث الأبدي ثم تنتقل إلى سلسلة من التوجيهات والنصائح:
- حث على حياة القداسة والسيرة الطاهرة في مخافة الله في الحياة اليومية (٢: ١١ ـ ٤: ٦).
- نصائح للحياة وشركة المؤمنين (الكنيسة) وتذكرة باقتراب النهاية (٤: ٧ – ٥: ٩).
ما هي أهم الحقائق التعليمية في الرسالة؟
- القصد الإلهي الأزلي تجاه البشرية وهي إرسال ابنه الوحيد لكي يطلب ويخلص ما قد هلك بسفك دم ابنه (١بطرس ٢، ٣، ٧، ١٠، ١٢).
- إظهار قيمة الدم الثمين (١: ١٨، ١٩، ٢٠).
- مكانتنا الجديدة في المسيح (٢: ٩، ١٠).
- يسوع المسيح حجر الزاوية (٢: ٧)، من حمل خطايانا في جسده على الصليب (٢: ٢٤).
هل هناك تشابه بين رسائل الرسول بطرس ورسائل الرسول بولس
نعم هناك تشابه كثير جداً لأننا سُـقينا روح واحد الذي يُملي عليهم الأفكار، ولأن المعلم واحد، فالروح يأخذ مما للمسيح ويخبرهم (يوحنا ١٤:١٦)، والجدول التالي يحتوي على آيات متشابهة من رسائل الرسول بطرس والرسول بولس:
|
"الَّذِينَ نَحْنُ أَيْضًا جَمِيعًا تَصَرَّفْنَا قَبْلاً بَيْنَهُمْ فِي شَهَوَاتِ جَسَدِنَا، عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وَالأَفْكَارِ" (أفسس ٢: ٣)
|
|
"مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ ..." (أفسس ٢: ٢٠ – ٢٢).
|
|
"أَيُّهَا النِّسَاءُ اخْضَعْنَ لِرِجَالِكُنَّ كَمَا لِلرَّبِّ" (أفسس ٥: ٢٢)
|
|
"تَقَوُّوْا فِي الرَّبِّ... لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا" (أفسس ٦: ١٠، ١١).
|
للدراسة الشخصية
- قارن بين ما جاء في (١ بطرس ١: ١٤، ١٥ مع رومية ١٢: ٢)، و(١بطرس ٤: ١٠، ١١، مع رومية ١٢: ٣ ـ ٨)، و(١بطرس ٢: ١٣ – ١٥، ١٧، ١٨مع رومية ١٣: ١ – ٧)
- قارن بين ) ١بطرس ١: ٦ – ٧) مع (رسالة يعقوب ١: ٢ – ٣)
- و(١بطرس ٥: ٥ – ٩، ورسالة يعقوب ٤: ٦، ٧، ١٠)