01‏/12‏/2017

رسـالة بطرس الرسول الأولى الأصحاح الأول الدرس الثاني


رسـالة بطرس الرسول الأولى
الأصحاح الأول
الدرس الثاني

لرسالة بطرس أهمية روحية كبيرة، فهي تحتوي على تعاليم ودروس كثيرة وعميقة، تملأ النفس تعزية وتشجيع، بل وتبني الإيمان خاصة في وقت الألم والاضطهاد، وفي كتابته لهذه الرسالة وضحت طاعته لتوصية سيده حين قال له: "وَأَنْتَ مَتَى رَجَعْتَ ثَبِّتْ إِخْوَتَكَ " (لوقا ٢٢: ٣٢). وفي مقابلة الاسترداد وإعادة وتأكيد التكليف لبطرس قال له الرب: " ارْعَ خِرَافِي... ارْعَ غَنَمِي.. ارْعَ غَنَمِي.." (يوحنا ٢١: ١٥ ـ ١٧).  وفي هذه الرسالة نجد أيضـًا تشجيع على حياة القداسة، كما يتناول موضوع العلاقات في الأسرة.
تقسيم الإصحاح الأول:
١. المقدمة: الراسل (اسمه، مكانته أو الوظيفة الروحية المكلف بها).
٢. المرسل إليهم (١ ـ ٢).
٣. تسبيح الله بسبب تجديدهم والرجاء الحي للخلاص الأبدي (١: ٣ ـ ٥)،
٤. فرح في امتحان الإيمان (٦ ـ ٩).
٥. خلاص تكلم عنه الأنبياء والسابقين واشتهت الملائكة أن تطّلع عليه (١٠ – ١٢).
٦. تشجيع على حياة القداسة والسهر، وقيمة الآلام الثمين (١٣ – ٢١).
٧. المحبة الأخوية (٢٢ – ٢٥).
ألقاب للمؤمنين في الإصحاح الأول
استخدم تعبيرات مختلفة مثل: الْمُتَغَرِّبِينَ، لاحظ أننا لسنا "بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ" (أفسس ٢: ١٩). الْمُخْتَارِينَ ، الروح للطَّاعَةِ.
"بُطْرُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ، الْمُخْتَارِينَ بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ" (١، ٢).
١. يستخدم بطرس الاسم الجديد الذي أخذه من الرب يسوع، ومعناه الصخرة، إشارة لإيمانه وأيضـًا لأنه سيبقى أحد الأعمدة الأساسية في كنيسة الله الحي (غلاطية ٢: ٩). راجع الدرس السابق. تحدثنا تفصيلياً عن دعوة واختيار بطرس.
٢. رسول يسوع المسيح: messenger كلمة استخدمت في أصلها اليوناني لوصف الاثنى عشر وهي تعني: مرسل بتكليف وبأمر وترتيبات، مندوب أو مبعوث يحمل رسالة بتأكيدات، ولاحظ معي من كلمات بولس الرسول "وَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً" (أفسس ٤: ١١) فَوَضَعَ اللهُ أُنَاسًا فِي الْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً (١كورنثوس ١٢: ٢٨)، إن المكانة "الوظيفة أو المهمة" الرسولية هي أعلى التكليفات وكما قال الرسول بولس أيضـًا أن الرب يؤيد هذا التكليف بعلامات واضحة. "إِنَّ عَلاَمَاتِ الرَّسُولِ صُنِعَتْ بَيْنَكُمْ فِي كُلِّ صَبْرٍ، بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ وَقُوَّاتٍ " (٢كورنثوس ١٢: ١٢)، إذن التمييز جاء بسبب اختيار الرب لهم بعد ليلة صلاة (مرقس ٣: ١٣)، وكونهم أول شهود للقيامة التي شهدوا وعلموا عنها فيما بعد (أعمال ٢: ٣٢)، وصارت مواهبهم ظاهرة وفوق الطبيعية، ولهذا وباتضاع شديد يؤكد بطرس وظيفته his office كرسول، ممتلئ بروح النبوة، ومؤيدًا من الله حتى في وقت صعب في بداية الكنيسة الأولى (راجع قصة حنانيا وسفيرة أعمال ٥).. فلم يذكر بطرس دوره كرسول بكبرياء أو فخر بل يعظم عمل النعمة فيه، كما سنرى فيما بعد في رحلتنا لدراسة الرسالة. وأيضاً كنوع من التذكرة لهم أنه يحق له التوجيه والمساندة والتشجيع أمام كل التحديات..
وهنا دعني أسألك: هل تُـقدِّر عمل الرب في حياتك؟ هل تستثمر وزناتك لامتداد ملكوته؟؟
٣. إِلَى الْمُتَغَرِّبِينَ مِنْ شَتَاتِ بُنْتُسَ وَغَلاَطِيَّةَ وَكَبَّدُوكِيَّةَ وَأَسِيَّا وَبِيثِينِيَّةَ ...
من هم أولئك المتغربين في الشتات؟
كلمة مُتَغَرِّبِينَ في أصلها اليوناني معناها شخص غريب لا نعرفه. أما الشتات فهي من أصل الكلمة التي تعبر عن نثر البذار للزرع، أولئك المتغربين في مناطق كثيرة كان غالبيتهم من أصل يهودي نقلوا من بابل بواسطة الملك أنتيموس ملك سوريا قبل الميلاد بـ ٢٠٠ سنة. فيتحدث بطرس إلى اليهود المؤمنين الساكنين بين أمم وثنية وكأنه يذكرهم بدورهم تجاه غير المؤمنين فعليهم أن يسلكوا بحكمة وتدقيق في وسط جيل معوج وملتو يضيئون لهم متذكرين أننا رسالة مقروءة من جميع الناس في كل تصرفاتنا..
أما هذه المقاطعات فهي تقع في آسيا الصغرى..
الْمُخْتَارِينَ: يستعير الرسول بطرس هذا التعبير من العهد القديم. ففي (تثنية٧:٧ ، و ٤: ٣٧) " لَيْسَ مِنْ كَوْنِكُمْ أَكْثَرَ مِنْ سَائِرِ الشُّعُوبِ، الْتَصَقَ الرَّبُّ بِكُمْ وَاخْتَارَكُمْ، لأَنَّكُمْ أَقَلُّ..، لأَجْلِ أَنَّهُ أَحَبَّ آبَاءَكَ وَاخْتَارَ نَسْلَهُمْ مِنْ بَعْدِهِمْ " أما في العهد الجديد " كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ (في المسيح) قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، (أفسس ١: ٤)، الذي قال بنفسه: "لَيْسَ أَنْتُمُ اخْتَرْتُمُونِي بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ " (يوحنا ١٥: ١٦)، أراد الرسول بطرس تأكيد معنى الاختيار حين أكد المعنى "َأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ،.." (١بطرس ٢: ٩). نعم فالرب اختارنا فيه لنكون قديسين بلا لوم .. "مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟" (رومية ٨: ٣٣)، ويوصينا كمختاري الله القديسين المحبوبين أن يكون لنا "أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا" (كولوسي ٣: ١٢).
وإذ يتبادر إلى ذهنك هذا السؤال: كيف أعرف وأثق أنني واحد من هؤلاء المختارين؟
ضع ثقتك في كلمات الرب: " أَنْتَ عَبْدِيَ. اخْتَرْتُكَ وَلَمْ أَرْفُضْكَ.." (إشعياء ٤١: ٩)، آمن وصدق أن الرب أحبك ومات لأجلك على الصليب كفارة وفدية. واختارك فيه قبل تأسيس العالم
" بِمُقْتَضَى عِلْمِ اللهِ الآبِ السَّابِقِ، فِي تَقْدِيسِ الرُّوحِ لِلطَّاعَةِ، وَرَشِّ دَمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ: لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ " (١بطرس٢:١)
النعمة هي أول خطوة يبادر بها الله الآب تجاه الخاطئ، أما علم الله السابق فيقول عنه "لكِنْ يُوجَدُ إِلهٌ فِي السَّمَاوَاتِ كَاشِفُ الأَسْرَارِ" (دانيال ٢: ٢٨)، و(إشعياء ٤٢: ٩) " وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا"
الله الآب كان له خطة للخلاص منذ البدء (تكوين ٣: ١٥، أعمال ٢: ٢٣) وذلك هو سر "الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا" (١كورنثوس ٢: ٧)، وذلك هو القصد الإلهي: "الَّذِي خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِي أُعْطِيَتْ لَنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ" (٢تيموثاوس ٢: ٩)، إذن علم الله السابق أي قصده واستحسانه ومشورته.
إذن الله الآب هو المسئول عن اختيارنا وذلك بالنعمة. وهذا القصد يتممه (أي الفاعل فيه) الروح القدس إذ يجذب الخاطئ لينفصل عن الشر الذي في العالم ويصير مخصصًا ومفرزًا لله بقوة الروح القدس "أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ.. لِكَيْ يُقَدِّسَهَا، مُطَهِّرًا إِيَّاهَا بِغَسْلِ الْمَاءِ بِالْكَلِمَةِ" (أفسس ٥: ٢٥، ٢٦). "لِذلِكَ يَسُوعُ أَيْضًا، لِكَيْ يُقَدِّسَ الشَّعْبَ بِدَمِ نَفْسِهِ، تَأَلَّمَ خَارِجَ الْبَابِ" (عبرانيين ١٣: ١٢).
إذن كل ابن للآب مختار ومقدس من خلال عمل الروح القدس ودم يسوع المسيح، وتعبير " رَشِّ دَمِ " هو تعبير شائع من سفر اللاويين. فلا يكفي أن يسفك دم الذبيحة بل ويرش أيضـًا دم الذبيحة على الخاطئ لأنه طقس الدخول في العهد (عبرانيين ١٠: ٢٢). دم العهد الجديد الذي يفتح لنا الطريق للسماء (لوقا ٢٢: ٢٠، عبرانيين ١٢: ٢٤).
إذن الدم للتطهر (١يوحنا ١: ٧) والروح القدس يستمر عمله اليومي فينا للتقديس ليحثنا أن نعيش كما يحق لإنجيل المسيح ونصير إناء للكرامة مقدسـًا (مخصصًا) نافعـًا للسيد ومستعدًا لكل عمل صالح. (٢تيموثاوس ٢: ٢١).
وهنا نرى اشتراك الأقانيم الثلاثة في العمل:
١. الله الآب يختار ويدعو الخطاة للتوبة والخلاص وهو لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع وتحيا نفسه.
٢.الله الروح القدس يعين ويساعد الخاطئ لينفصل ويتجاوب مع دعوة الآب
٣. الله الابن الذي يطهر بدمه الكريم إذ صار كفارة وبديلاً بدمه بدلاً منا وذلك لأنه إذ أطاع متجاوبـًا.
" لِتُكْثَرْ لَكُمُ النِّعْمَةُ وَالسَّلاَمُ "
يطلب الرسول بولس من أجل ازدياد النعمة (المحبة المجانية) التي يعبر عنها في المعونة والخلاص والغفران والشفاء.
أما السلام فهو يقصد السلام بكل أنواعه: "سلام مع الله. سلام مع الناس. سلام مع النفس. سلام في الضمير. ولاحظ طلبة الصلاة هذه من أجل أن تتضاعف وتزيد وأعظم شيء نطلبه لنا ولغيرنا النعمة والسلام
للدراسة والبحث الشخصي
1.      في الشواهد التالية معنى يتشابه مع أحد ألقاب المؤمنين التي استخدمها الرسول ما هو: مزمور ٣٩: ١٢، تكوين ٤٧: ٩، وعبرانيين ١١: ١٣
2.      الاستماع أفضل من الذبيحة "هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ (١صموئيل ١٥: ٢٢).
3.      ينتظر الرب أمرًا ما من أولاده ما هو من الشواهد التالية. وأين تجده في هذا الدرس؟ (تثنية ٢٦: ١٦، تثنية ٣٢: ٤٦، يشوع ١: ٨)